المجلة | حــديث |عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى لنا رسول الله ص

/ﻪـ 

عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف، أقبل على الناس فقال: (هل تدرون ماذا قال ربكم). قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) أخرجه البخاري.
يدل هذا الحديث على من أنواع الشرك الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب". والنوء مصدر ناء النجم ينوء نوءا أي سقط وغاب، وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين، يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما. فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم قولهم وجعل المطر من فعل الله سبحانه دون فعل غيره. وقد اختلف العلماء في كفر من قال: مطرنا بنوء كذا على قولين، أحدهما: هو كفر بالله سبحانه وتعالى، سالب لأصل الإيمان، مخرج من ملة الإسلام، قالوا: وهذا فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر، كما كان بعض أهل الجاهلية يزعم، ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره، وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء وهو ظاهر الحديث. فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا وهو هذا النوء الفلاني أي أن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات فإنه لا يكفر. واختلفوا في كراهته والأظهر كراهته، لكنها كراهة تنزيه لا إثم فيها، وسبب الكراهة أنها كلمة مترددة بين الكفر وغيره فيساء الظن بصاحبها، ولأنها شعار الجاهلية ومن سلك مسلكهم. القول الثاني في أصل تأويل الحديث أن المراد كفر نعمة الله تعالى لاقتصاره على إضافة الغيث إلى الكوكب، وهذا فيمن لا يعتقد تدبير الكوكب، ويؤيد هذا التأويل الرواية الأخيرة في الباب: "أصبح من الناس شاكر وكافر". وفي الرواية الأخرى "ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين". وفي الرواية الأخرى: "ما أنزل الله تعالى من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين". فقوله بها يدل على أنه كفر بالنعمة، والله أعلم. ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات ، فإن اعتقد ما فيها من أثر النجوم والأفلاك فهو مشرك، وإن قرأها للتسلية فهو عاص آثم ، لأنه لا يجوز التسلي بقراءة الشرك بالإضافة لما قد يلقي الشيطان في نفسه من الاعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك. والله أعلم.

المزيد